11) الخارج إلى الحجّ في ذمّة الله:
ومن فضائل الحجّ، أنّه مَن قصد بيت الله الحرام فإنّ الله تعالى يرعاه
برعايته، ويكلؤه بحفظه حتى يعود إلى أهله.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:
«ثلاثة في ضمان الله عزّ وجلّ: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله عزّ وجلّ،
ورجل خرج غازيا في سبيل الله، ورجل حاجّا» [أخرجه الحميديّ وأبو نعيم وإسناده صحيح على شرط الشيخين، الصحيحة (رقم 598)].
12) الإحرام يحطّ الآثام:
ومن فضائل الحجّ أنّه إذا خلع الحاجّ ثيابه، ولبس الإحرام وظلّ به، فقد خلع ثياب الذنوب والخطايا.
عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «ما من مؤمن يظلّ يومه محرما إلاّ غابت الشمس بذنوبه» [رواه الترمذي وهو صحيح، انظر: صحيح الترغيب (رقم 1133)].
13) فضل التلبية
من مناسك الحج التلبية ورفع الصوت بها، وقد وردت أحاديث في بيان فضلها:
فعن أبي بكر رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم سئل أيّ الأعمال أفضل؟ قال: «العجّ والثجّ» [رواه الترمذي وابن ماجة وهو حديث حسن، صحيح الترغيب (رقم 1138)].
والعَجّ: بفتح العين المهملة وتشديد الجيم: رفع الصوت بالتلبية.
والثجّ: هو نحر البدن.
وإنما أمر الحاجّ برفع الصوت بالتلبية؛ لأنّها تتضمن إظهار شعائر التوحيد
والذلّ والخضوع والافتقار إلى الله ربّ العبيد.
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «ما
من ملبّ يلبّي إلاّ لبّى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر، حتى
تنقطع الأرض من ههنا وههنا، عن يمينه وشماله» [رواه الترمذيّ وابن ماجة بإسناد صحيح، صحيح الترغيب (رقم 1134)].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «ما أهلّ مهلّ إلاّ بُشّر ولا كبّر مكبِّر قطّ إلاّ بُشِّر. قيل: يا رسول الله! بالجنّة؟ قال: نعم» [رواه الطبراني في الأوسط وهو صحيح، "صحيح الترغيب" (رقم 1137)].
14) فضل الطواف وركعتيه:
ومن فضائل الحجّ أنّ الطواف حول البيت، والصلاة خلف المقام، يفكّ الرقبات،
ويحطّ السيّئات، ويكتب الحسنات، ويرفع الدرجات.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «من طاف بالبيت وصلّى ركعتين كان كعتق رقبة»[رواه ابن ماجة وإسناد صحيح، صحيح الترغيب (رقم 1142)].
وفي حديث ابن عمر المتقدّم: «وأمّا ركعتان بعد الطواف كعتق رقبة من بني إسماعيل».
وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «مَن
طاف بالبيت أسبوعاً لا يضع قدماً، ولا يرفع قدماً إلاّ حطّ الله عنه
خطيئته وكتب له بها حسنة، ورفع له بها درجة» [رواه ابن خزيمة وابن حبان وهو صحيح، المصدر السابق، (رقم 1143)].
15) فضل استلام الحجر الأسود والركن اليمانيّ:
ومن فضائل الحجّ أنّ استلام الحجر الأسود والركن اليماني، يغسلان الذنوب
ويشهدان يوم القيامة عند علاَّم الغيوب.
عن عُبيد الله بن عُبيد بن عمير أنّه سمع أباه يقول لابن عمر: مالي
لا أراك تستلم إلاّ هذين الركنين الحجر الأسود والركن اليمانيّ؟ فقال ابن
عمر: إنْ أفعل فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ استلامهما يحطّ الخطايا» [رواه أحمد والترمذي وهو صحيح، صحيح الترغيب (1139)].
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الحجر: «والله ليبعثنّه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحقّ»[رواه الترمذيّ بإسناد صحيح، المرجع السابق (1144)].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يأتي الركن يوم القيامة أعظم من أبي قبيس له لسان وشفتان»[رواه أحمد وهو صحيح، المرجع السابق (1145)].
16) فضل شرب ماء زمزم:
ومن فضائل الحجّ أنّ الحاج يحظى بارتواء من ماء زمزم، وقد روى ابن عبّاس
رضي الله عنهما أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام الطعم وشفاء السقم». [رواه الطبراني بإسناد حسن، المرجع السابق (1161)].
17) فضل السعي بين الصفا والمروة:
ومن فضائل الحجّ أنّ السعي بين الصفا والمروة كتحرير الرقاب.
ففي حديث ابن عمر السابق: «وأمّا طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة ».
18) فضل الوقوف بعرفة ومزدلفة:
في هذا اليوم العظيم يتفضّل الله على الحجّاج بمغفرة الذنوب، والعتق من
النار، والمباهاة بأهل الموقف، والشفاعة فيمن شفع فيه.
ففي حديث ابن عمر المتقدم: «وأمّا
وقوفك عشيّة عرفة فإنّ الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة
يقول: عبادي جاءوني شعثا من كل فجّ عميق يرجون رحمتي، فلو كانت ذنوبكم
كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرتها، أفيضوا عبادي مغفورا لكم
ولمن شفع له».
وعن ابن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وقف النبيّ صلى الله عليه وسلّم بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب فقال: يا بلال! أنصِت لي الناس، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، فأنصت الناس، فقال: «يا
معشر الناس! أتاني جبرائيل آنفا فأقرأني من ربّي السلام، وقال: إنّ الله
عزّ وجلّ غفر لأهل عرفات وأهل المحشر وضمن عنهم التبعات» فقام عمر بن الخطّاب فقال: يا رسول الله هذا لنا خاصّة؟ قال: «هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة». فقال عمر بن الخطّاب: كثر خير الله وطاب. [صحيح الترغيب (رقم 1151)].
وعن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «ما
من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنّه ليدنو
ثمّ يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء» [رواه مسلم].
19) فضل رمي الجمار:
ومن فضائل الحجّ أنّ رمي الجمرات، يكفّر السيّئات، وله من الفضل، لا يعلمه إلا ربّ الأرض والسموات.
ففي حديث ابن عمر المتقدّم: «وأمّا رميك الجمار فلك بكلّ حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات» -وفي لفظ- «وإذا رمى الجمار لا يدري أحد ما له حتى يوفاه يوم القيامة».
وفي حديث عبادة بن الصامت: «وأمّا رميك الجمار، قال الله عزّ وجلّ ﴿
فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً
بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة 17]».
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إذا رميت الجمار كان لك نورًا يوم القيامة» [رواه البزّار وإسناده صحيح، انظر: صحيح الترغيب (رقم 1157)].
20) فضل حلق الرأس:
ومن فضائل الحجّ أنّ حلق الرأس يوجب الرحمات، ويثبت الحسنات، ويمحو الخطيئات.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «اللهم اغفر للمحلقين»، قالوا: يا رسول الله وللمقصّرين؟ قال: «اللهمّ اغفر للمحلّقين»، قالوا: يا رسول الله وللمقصّرين، قال: «وللمقصّرين» متفق عليه.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «وأمّا حلقك رأسك فإنّه ليس من شعرك شعرة تقع في الأرض إلاّ كانت لك نورا يوم القيامة» [رواه الطبراني في الأوسط وهو صحيح، المرجع السابق (رقم 1113)].
وفي حديث ابن عمر المتقدّم «وأمّا حلاقك رأسك فلك بكلّ شعرة حلقتها حسنة، وتمحي عنك خطيئة».
21) فضل النحر ويومه وأيّام منى:
ومن فضائل الحجّ أنّ فيه يومًا من أعظم الأيام عند الله تعالى، وهو يوم النحر.
فعن عبد الله بن قرط الثمالي رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القرّ» [رواه أبو داود وأحمد بإسناد صحيح، صحيح الجامع (رقم 1075)].
ويوم القرّ: هو أوّل يوم من أيّام التشريق، سمي بذلك لأنّ أهل منى يستقرّون فيه، ولا ينفرون.
وفي حديث ابن عمر المتقدّم: «وأمّا نحرك فمدخور لك عند ربّك».
22) طواف الوداع يمحو الذنوب:
ففي حديث ابن عمر السابق: «وأمّا
طوافك بالبيت بعد ذلك فإنّك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يضع يديه بين
كتفيك فيقول: اعمل فيما تستقبل فقد غفر الله لك ما مضى».
وفي حديث عبادة: «وأمّا طوافك بالبيت إذا ودّعت تخرج من ذنوبك كيوم ولدتك أمُّك».
وهكذا يختم المسلم حجّه بمغفرة الذنوب فيكون الحجّ كلّه مغفرة: بدايته ووسطه ونهايته.
ففي هذه النصوص تشويق للأنام، وتحريض لساكن الغرام إلى عقد الإحرام لحجّ بيت الله الحرام.
فيا أيّها القارئ الكريم ها هي أبواب الجنّة قد فُتحت، وسبل الخير قد
وُضحت، وتجارة رابحة قد عُرضت، فبادر إلى إجابة دعوة ربّ البيت قبل أن
يحدث بك حدث الموت، فتندم على الفوت.
فعن الفضل بن عباس رضي الله عنهما عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «من أراد الحجّ فليتعجّل، فإنّه قد يمرض المريض وتضلّ الضالّة، وتعرض الحاجة» [رواه أحمد وابن ماجة وهو حسن، صحيح جامع (رقم 5880)].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «استمتعوا من هذا البيت فإنّه قد هدم مرتين ويرفع في الثالثة» [رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في صحاحهم بإسناد صحيح، انظر: الصحيحة (رقم 1451)].
وعن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «إنّ
الله يقول: إنّ عبداً أصححتُ له جسمه، ووسَّعتُ عليه في المعيشة، تمضي
عليه خمسة أعوام لا يفد إليّ لَمَحرُوم» [رواه الطبراني وأبو يعلى وغيرهما بإسناد صحيح، انظر: المرجع السابق، (رقم 1662)].